الألوان في الثقافة الامازيغية
أبيض |
AMLLAL |
ⴰⵎⵍⵍⴰⵍ |
|
أسود |
ABRKAN-ASGGA N |
ⴰⴱⵔⴽ ⴰⵏ -ⴰⵙⴳⴳ ⴰⵏ |
|
أصفر |
AWRAGH |
ⴰⵡⵔ ⴰⵖ |
|
أحمر |
AZGUAGH |
ⴰⵣⵓⴳⵯⴰⵖ |
|
أزرق |
ANILI |
ⴰⵏⵉⵍⵉ |
|
أخضر |
AZGZAW |
ⴰⵣⴳⵣ ⴰⵡ |
|
بنفسجي |
AMKZAY |
ⴰⵎⴽⵥ ⴰⵢ |
|
بني |
ADMMAN |
ⴰⴷⵎⵎⴰⵏ |
|
رمادي |
AMEGHDEDDI |
ⴰⵎⴻⵖⴷⴻⴷⴷⵉ |
|
برتقالي |
ALIYCHIN |
ⴰⵍⵉⵜⵛⵉⵏ |
|
مقدمة:
الألوان ليست مجرد تجسيد لجماليات الطبيعة،
بل هي أيضاً تعبيرات ثقافية تحمل في طياتها معاني ورموزاً عميقة. في الثقافة
الأمازيغية، تلعب الألوان دوراً محورياً في تشكيل الهوية البصرية والتواصل
الثقافي. يعتبر المعجم الأمازيغي للألوان مرآة تعكس تقاليد هذا الشعب العريق
وارتباطه العميق بالبيئة المحيطة به.
اللغة الأمازيغية، بأصالتها وغناها، تقدم
لنا تنوعاً فريداً في مصطلحات الألوان، حيث تُستخدم هذه المصطلحات بشكل يتجاوز
مجرد وصف الألوان إلى دلالات ثقافية وروحية. من الألوان التي ترتبط بالطبيعة
كاللون الأخضر الذي يرمز إلى الحياة والنماء، إلى الألوان التي تحمل
معاني رمزية خاصة مثل الأحمر الذي يرتبط بالقوة والشجاعة، يشكل معجم
الألوان في اللغة الأمازيغية جزءاً أساسياً من النسيج الثقافي والتاريخي للأمازيغ.
في هذا المقال، سأستعرض جزءاً صغيراً من
المعجم الأمازيغي الذي يتعلق بـ "تجربة اللون" لأبرز كيف أن هذا المعجم
يلبي شَرْطَي "الدقة" و"الغنى"، اللذين يميزان التعابير
اللونية المتقدمة. من خلال هذا الاستعراض، سنكتشف مدى قدرة اللغة الأمازيغية على
التعبير بشكل مفصل ودقيق عن الألوان، مما يعكس ثراء تعبيراتها في وصف تجربة اللون.
ما هو اللون؟
اللون هو تجربة بصرية تُدرك ضمن إطار زمني
ومكاني محددين، وتهدف إلى تمكين الرائي من التعرف على الأجسام البصرية وإعادة
التعرف عليها وتحديد موقعها. وفقاً لموسوعة سانسفورد الفلسفية (1997)، فإن معظم
الفلاسفة والعلماء، بدءاً من هيوم في "رسالة حول الطبيعة الإنسانية"
(1738/1911)، يتفقون على أن اللون ليس خاصية من خصائص الجسم البصري ذاته، بل هو
إحساس ذاتي ناتج عن تأثير الضوء المنبعث من الجسم البصري.
في هذا السياق، يحذرنا س. ك. بالمر في
كتابه "علم البصر" (1999، منشورات MIT) من التفسير الخاطئ الذي قد يجعلنا نعتقد أن السماء تبدو زرقاء لأن
اللون الأزرق هو صفتها الحقيقية، أو أن العشب يبدو أخضر لأنه يحمل هذه الصفة.
فالألوان ليست صفة حقيقية للأشياء التي نراها، على الرغم من أنها تنجم عن ترددات
الموجات الكهرومغناطيسية المنعكسة من هذه الأشياء. بدلاً من ذلك، هي صفات تتعلق
بإدراكنا الحسي لهذه الأجسام.
بناءً على ذلك، طور بعض العلماء مثل أڤريل
في مقاله "الطبيعة العلائقية للون" (Philosophical Review، 1992) وكوهن في
مقاله "الذاتية، المادية، أو لا أحد منهما" (Consciousness and Cognition، 2001) نظرية ترى أن اللون هو في الواقع علاقة بين الرائي والجسم البصري،
تتغير بناءً على زاوية الإبصار ونوع الكائن الذي يرى اللون (مثل الإنسان أو النحلة
أو الكلب). ومن ثم، فإن الألوان ليست مجرد مجموعة من "الكيفيات" الحسية
القابلة للتوصيف والنقل باستخدام الألفاظ، بل هي مجموعة من "القيم" التي
تتشكل من خلال تفاعل الفرد مع هذه الألوان.
اللغة و الالوان
أظهرت الدراسات التي قام بها برينت برلين
وبول كي في كتابهما "ألفاظ الألوان الأساسية: كليتها وتطورها" (1969،
منشورات جامعة كاليفورنيا) أن اللغات الطبيعية تشمل عادة أحد عشر لوناً أساسياً،
وهي: الأبيض، الأسود، الأحمر، الأخضر، الأصفر، الأزرق، البني، البنفسجي، الوردي،
البرتقالي، والرمادي. ووفقاً لهذين الباحثين، فإن الألوان الأساسية تتميز بأنها
ألفاظ بسيطة لا تتكون من مفردات مركبة، ولا تشتق من غيرها، وليست مرتبطة بمواضيع بصرية
محددة، وتكون واضحة للمبصرين بشكل عام، خلافاً لألوان مثل "الأشقر"
المرتبطة بشعر محدد. كذلك، كشف برلين وكي أن أي لغة تحتوي على لفظين فقط للألوان
سيكونان الأبيض والأسود، وإذا كانت تحتوي على ثلاثة ألوان، فإن اللون الثالث سيكون
الأحمر، وإذا كان هناك أربعة ألوان، فإن الرابع سيكون إما الأصفر أو الأخضر، لكن
لا يمكن أن يكون كلاهما ضمن الأربعة.
لكي تكون لغة قادرة على التعبير بدقة عن
الألوان، يجب أن تتضمن معجمها خمسة أنواع من الألفاظ: الألفاظ التي تحدد الألوان
الأساسية مثل الأزرق والأحمر، الألفاظ التي تعبر عن شدة اللون مثل الأحمر الفاتح
والأحمر القاني، الألفاظ التي تشير إلى تدرجات اللون مثل الأبيض المائل إلى
القهوة، الألفاظ التي تعبر عن القيمة الجمالية للون، وأخيراً الألفاظ التي تصف
الحالة اللونية لمواضيع معينة مثل الشعر الأشقر.
الألوان في الأمازيغية
في اللغة الأمازيغية، يُعبّر عن اللون بلفظ
"ئيني" وجمعه "ئينيتن". الألوان الزاهية والمبهجة تُسمى
"تيكلاتين"، وهو مصطلح مشتق من الفعل "ئكلا" (الذي ينطق بكاف
مدورة) والذي يعني "صبغ للتزيين". عندما يتحول لون شيء إلى درجة قاتمة،
يُقال "ئغما" كما في "تغما تامارت" (اللحية التي صارت قانية).
أما إذا كان الشيء فاتح اللون، يُوصف بـ"أشهلال". وللتعبير عن تدرج شدة
اللون، تستخدم الأمازيغية الصفة السابقة "أفر"، فمثلاً
"أملّال" تعني الأبيض، و"أفرملّال" تشير إلى اللون الأبيض
الممزوج بالقهوة، و"أفرزڭزاو" هو الأبيض المائل للخضرة.
اللون الأحمر في الأمازيغية يُسمى
"أزڭاغ"، وللأحمر القاني "أمزيلو". إذا احمرّ شيء ما، يُقال
"ئزڭّاغ". أما الحمرة التي تظهر على وجه الإنسان من الخجل، فتسمى
"تازوغي". إذا اشتدت حمرة شيء ما، يُقال عنه "ئڭّدو" أو
"تاڭّداوت".
اللون الأخضر يُعبّر عنه
بـ"أزڭزا" أو "أزڭزاو"، وإذا كان الأخضر شاحباً يُسمى
"أزرڭمو". "أدال" يشير إلى الأخضر الخاص بالطحالب وزخارف
الزرابي، وإذا اختضر العشب يُقال عنه "يووْك". إذا كان الشيء أزرقاً
بشكل عام يُقال "ئكزي"، وإذا كان في زرقة السماء يُقال "ئزوزو"
(مع تفخيم الزاي). الأزرق المائل إلى الخضرة يُسمى "أويناغ"، والأزرق
المبقع "أزرو ن واسيف"، والأزرق الشديد "أموري".
اللون الأصفر يُسمى "أوراغ"،
وفعل "اصفرّ" يشمل "ئوْراغ" و"ئوْريغ". إذا اصفرّ
التمر يُقال "ئڭورضم". البني يُعبر عنه بـ"أراس"، فتقول مثلاً
"أرازال ئنو ئڭا أرا" (قبعتي بنية). إذا كان لون العين بني، نقول
"تيطّاوين نس د تاراسين". الوردي يُسمى "أزواواغ" أو
"ئزويوغ"، ولون الورد "تيزويوْغت"، أما البنفسجي فهو
"أماكزّي" أو "ئكزي" (بتفخيم الزاي).
اللون الأسود يُعبّر عنه بعدة ألفاظ منها
"أبخّان"، "أبخّيش"، "أبركان"، "أبرشان"،
"أموشّا"، "أسطاف"، "ئيضيلي"، "ؤنڭال"،
"أسڭان"، و"ئسدين". إذا كان المقصود تسويد الكتاب بالحبر،
يُقال "ئسّركس" و"تامركاست" للمسودة.
الشيء المضيء يُوصف بـ"أمافّاو"
(جمعها "ئمافّاون") و"أسافو" (جمعها "ئسوفا").
الشيء اللامع أو الملمع يُسمى "أمسوسغ" (جمعها "ئمسوسغن")
و"أسفلالاي" (جمعها "ئسفلالاين"). الضوء المتلألئ يُشار إليه
بـ"أسيدّ" (جمعها "ئسيدّن" و"ئسادّن"). إذا تلألأ
شيء يُقال "ئسّغ" و"ئسفليلّي"، وإذا تلألأ الوجه من الفرح،
يُقال "ئزمز ؤدم".
خلاصة
تتميز اللغة الأمازيغية بمعجم لونيا دقيقاً
وغنياً، مما يبرز أحد مظاهر عبقرية هذه اللغة في التعبير عن الألوان